مشروع تطوير التنمية المستدامة والعدالة البيئية

شكل عام نسعى من خلال المشروع إلى تطوير التنمية المستدامة والعدالة البيئية في محيط الأقلية العربية في إسرائيل. ويهدف المشروع ، على وجه الخصوص، إلى تحقيق العدالة البيئية في قضايا ومواضيع عينية تخص تهم وتؤثر على الأقلية العربية ومجرى حياتها، مثل قضية وجود معظم الكسارات بالقرب من البلدات العربية مقارنة بالبلدات اليهودية. بالإضافة لذلك، يهدف المشروع الى تحسين وتطوير الظروف البيئية من خلال معالجة القضايا البيئية الجارية (مثل: شكاوي فيما يتعلق بالمخاطر الناجمة عن الكسارات وأنظمة الصرف الصحي ، الضوضاء، حرق النفايات، الإشعاع الكهرومغناطيسي من أبراج الخليوي وغيرها) من خلال الخط البيئية الأخضر ومن خلال نشر الوعي وتطوير المعرفة بقضايا البيئة بهدف التنمية المجتمعية. وبذلك يعتمد مركز العدل البيئي على تجربته العريضة وطويلة المدى، إضافة إلى الاستعانة بالخبراء والمختصين من داخل الجمعيّة وخارجها. ويواصل مركز العدل البيئي سعيه في تطوير أدواته ومهننتها مستندا إلى تجربته العريضة وكوادره، ومستفيدة من إرث المعرفة الكونية، وجهد توطين المعرفة وتعريبها وملائمتها لاحتياجات فئات المجتمع المختلفة: ربات البيوت، المؤسسات التعليمية، السلطات المحلية، المزارعين، رجال الدين، أصحاب المحال التجارية وغيره.

نعني بالتنمية المستدامة تلبية احتياجات الحاضر دون النيل من قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها وذلك من خلال موازاة الاعتبارات البيئية والاجتماعية والاقتصادية عند السعي إلى تحقيق التنمية وتحسين جودة الحياة. ولذلك، فإن الجهود الرامية إلى بناء نمط حياة مستدام تتطلب إحداث تكامل بين الإجراءات المتخذة في ثلاثة مجالات هي النمو الاقتصادي والعدالة، التنمية الاجتماعية، حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية. لا شك أن التنمية المستدامة في المجتمع العربي مازالت تواجه العديد من التحديات والعراقيل أبرزها مصادرة الأراضي والمس في مناطق النفوذ وعدم توسيع مسطحات البناء للبلدات وكذلك غياب صلاحية إدارة الموارد الطبيعية وغيرها. إلا أن هذا لا يمنع –رغم هذه الأوضاع- الطموح والسعي من أجل تحقيق تنمية مستدامة في السلطات المحلية العربية. ونعني بالعدالة البيئية انها حق أنساني أساسي ينبغي توفيره لجميع المواطنين وذلك لتمكينهم من العيش في بيئة سليمة, نظيفة, صحية, عادلة ومستديمة. لم يعد مفهوم العدالة البيئية مرتبط فقط بحماية الطيور والأشجار, النباتات والأنهار بل يعكس ابعادا جديدة إلا وهي حماية الناس مع التركيز على العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. لا يمكن للعدالة البيئية ان تتحقق الا إذا تحققت العدالة التوزيعية أي توزيع الموارد على إشكالها المختلفة والآفات البيئية على أنواعها بالتساوي وبدون تمييز كذلك لا يمكن للعدالة البيئية ان تتحقق الا اذا تم الاعتراف بكرامة الناس وعدم المس بهم وبتراثهم وبحتمية مشاركتهم في صيرورة اتخاذ القرارات…… لهذا العرض أهمية قصوى عندما نتحدث عن أقليات قومية تعيش على أراضيها.

قضية الكسارات:

ليس صدفة ان أكثر من 54% من مجموع السكان في إسرائيل والذين يعيشون على مقربة من الكسارات هم من العرب، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العرب يشكلون اقل من 20% من إجمالي عدد السكان.
للكسارات مخاطر عديدة فبحسب الأبحاث العلمية التي اجرتها كل من: نقابة الاطباء الامريكية العامه وكلية الطب في جامعه جون هوفكنس الامريكية, فان الغبار ممكن ان يؤدي الى امراض الربو, سرطان الرئه, امراض القلب, السعال واوجاع في العيون”. أضف الى ذلك الضجيج ومخاطر التفجيرات التي تنتج من عمليات تفجير الصخور وكذلك مخاطر الغازات السامة الناتجة من صناعه الأسفلت والتي تجري عادة داخل الكسارات

 

يعالج، يتابع ويرافع مركز العدل البيئي في قضية الكسارات منذ سنين عديدة. فموضوع الكسارات يحتل مرتبة وحيز واسع من قبل عمل المركز ففي عام 2006, نشرت جمعيه الجليل تقرير بعنوان “الأضرار والعدل البيئي- الكسارات كنموذج”. شمل هذا التقرير فحص التوزيع الجغرافي للكسارات الكبيرة- القائمة والمخططة- خاصة في لواء الشمال مع فحص تقسيم السكان الذين يسكنون بالقرب من الكسارات. أفاد التقرير إلى أنه على مستوى الدوله, 54% من الذين يسكنون بالقرب من الكسارات هم مواطنون عرب مع العلم ان نسبه المواطنين العرب في البلاد لا تتجاوز ال 20%. كذلك أفاد التقرير ان الوضع في لواء الشمال أشد خطرا, بحيث ان 74% من الذين يسكنون بالقرب من الكسارات هم مواطنون عرب (مع العلم انه فقط 52% من سكان لواء الشمال هم من المواطنين العرب).

بعد هذه التقرير نشر مركز العدل البيئي تقرير متابع للتقرير الذي نشر عام 2006, ويتطرق الى الأوجه التخطيطية والصحية لموضوع الكسارات (فيما بعد: تقرير 2010). يؤكد تقرير 2010 انه في بلادنا هناك اكثر من مائة كسارة قائمة وفعالة وأكثر من الف كسارة مهجورة. كذلك يفيد الى ان نصف الكسارات الفعالة تعمل دون ترخيص ودون أجراء الفحوصات المسبقة مثل “تقرير التأثير على البيئة” (תסקיר השפעה על הסביבה) المطلوبة من اجل الحصول على الترخيص الازم. ونسب هذا التقصير (والفوضى) الى عده أسباب منها: تعدد الوزارات الحكومية التي تعنى بشؤون الكسارات (وزاره الداخلية, وزاره البنية التحتية, وزاره حماية البيئة ووزاره الصناعة والتجارة), ضعف الطبقات المجتمعية المحاذية للكسارات, تأثير أصحاب رؤوس الاموال وغيرها.

نسبه المواطنين العرب الكبيرة المحاذية للكسارات, بالاضافه الى المخاطر البيئية والصحية التي ذكرت انفا تضاعف الخطر بل وتهدد حياة المواطنين العرب بشكل واضح. لذلك ليس غريبا أو صدفة عدم وجود اي ممثل عن المواطنين العرب في جميع اللجان المعنية بموضوع التخطيط ووضع السياسات وتنفيذها بشأن الكسارات. فهذا يستدعي التحرك, والعمل على جميع المستويات: القانوني (تنفيذ القوانين, تقديم دعاوى وشكاوى في المحاكم) والجماهيري وايضا على مستوى السلطات المحلية التي تملك صلاحية أصدار الرخص للكسارات التي تقع داخل منطقه نفوذها.

في السنوات الأخيرة تابع وما زال يتابع مركز العدل البيئي العديد من قضايا الكسارات فعلى سبيل المثال: ساهم وساعد مركز العدل البيئي في التصدي لتوسيع كسارة حنتون الواقعة بالقرب من قرية بئر الكسور وبعد أن رُفضت الاعتراضات- التي قدمت على يد قرية عبلين, شفاعمرو وبئر المكسور بمساعدة مركز العدل البيئي- تابع مركز العدل البيئي وقدم التماسا الى المجلس القطري للتخطيط والبناء والذي بدوره رفض الاعتراض بسبب التاخر في تقديمه عدة ايام. على اثر ذلك قام مركز العدل البيئي الى جانب جمعيات اخرى بمساعدة مجلس محلي بئر الكسور بتقديم التماس الى المحكمة المركزية لإجبار المجلس القطري قبول الاعتراض ومناقشته من جديد مشددا أهمية موضوع الالتماس والإضرار البيئية والصحية من وراء توسيع الكسارة, وعدم الاخذ بعين الاعتبار توسع بلدة بئر المكسور في المستقبل وما الى ذلك. تم قبول الاعتراض في المحكمة بحيث تم إعادة الالتماس للمجلس القطري وبالرغم من رفض الالتماس هناك الى انه تم مطالبة أصحاب الكسارة بإجراء العديد من التعديلات على المخطط.

كذلك يواصل مركز العدل البيئي عمله بالتعاون مع مواطنين من برطعة وام القطف وجمعيات بيئية اخرى في التصدي لتوسيع مسطح كسارة فيرد وكذلك معالجة التلوث النابع من عملها الجاري. بالرغم من عدم قبول الاعتراض لتوسيع الكسارة إلى انه تم اتخاذ قرارات مهمة بشان التلوث مثلا: إقامة محطات رصد ومراقبة التلوث الناجم من عمل الكسارة، ياتي ذلك نتيجة للعمل والضغط على الوزارات المختلفة.

في هذه الايام يعكف مركز العدل البيئي على كتابة وتحضير تقرير شامل يعرض أخر المعلومات- المعطيات الكمية حول عمل الكسارات وكذلك التطرق إلى المخطط القطري 14ب الذي يسعى الى توسيع معظم الكسارات في إسرائيل. سيناقش ويحلل التقرير هذه المعطيات وفق التعريفات العلمية والقانونية للعدالة البيئي المتبعة وبناءا علية ستعرض التوصيات اللازمة.

شكر لكاميرة 48 على الصورة